2009-01-26

لازلت انتظر

"في الانتظار لا نموت ولا نحيا"


لطالما كان الانتظار جوهر حياتي ..دوما كنت أحيا اليوم بانتظار الغد..وبالغد أنتظر غدا آخر.."غدا سأحيا..غداصداقة تعوض ما فات..غدا حب آخر يبقي"..غداً غداً..دوما البداية ستاتي بالغد او بإسبوع قادم أو حتي عام جديد..لذلك لم أقدّر اليوم كثيراً ولم احتفظ بذكريات للغد..فالغد سيكون بداية..ولا نستطيع البدء ونحن ننظر خلفنا..هكذا كنت أقنع ذاكرتي_الضعيفة أصلاً_بالتخلي عن الذكريات..أدركت منذ وقت طويل أني لا أحيا..لكن ذلك الأدراك لم يغير شيئا سوي أني أصبحت انتظر التغيير..انتظر أشارة للبدء...أشارة صغيرة أو حتي ضوء خافت كي أبدا الحياة..ولادة جديدة إن أمكن التعبير..هل يمكن حقا أن يولد المرء مرة أخري بعد اثنتا وعشرون عاما...أم أني لن أحيا..حتي أموت؟

23/4/2008

2009-01-11

انعكاس

انعكاس
1-1
يمنعها تلألأ الطوق حول عنقها امام المرآه من ان تري ملامحها..لطالما اطالت النظر في المرآه دون ان تراها..صوت ياتيها من الخلف ..تلتفت..
"انتِ لي..دوما كنتِ والي الابد ستكونين..انا امتلكك.."
تعود بصمت لمرآتها ويدها تتحسس عنقها..
***
1-2
صورة كبيرة..تنعكس علي نافذة زجاجية...
***
2-1
يتسلل الضوء تدريجيا خارج مرآتها السحرية لتظهر صورا ليست لها تتحرك حركات تختلف تمام الاختلاف عن سكونها المعتاد..تنظر لها فتجدها خلفها كالعادة تضحك قاذفة بجهاز التحكم عن بعد تجاهها فتلتقطه دون اي تعبير...
- الم تملي مشاهدة انعكاسك المشوه امام التلفاز الصامت؟
- ...!
- غبية!
ترحل فتجلس هي ناظرة لمرآتها باحثة عن تلألأ ما حول اعناق الاشخاص الجدد بحياتها..هل وحدها تملك هذا التلألأ..ام تراه يملكها وحدها ...
***
2-2
خلف الأريكه وقفت طويلا تنظر لخوائها ثم للتلفاز..ضغطة رقيقة تبعث به الحياه..تقذف جهاز التحكم من يد لاخري ثم تجلس بسرعة علي الاريكة ناظرة حيث كانت تقف منذ قليل..ثم تبدأ المشاهدة بتركيز شديد...


3-1
تراقبها وهي مستلقية علي الفراش امامها..هي دائما معها..هم دائما معا..لم تعرف غيرها...لا بل عرفت غيرها الكثير ممن يزورونها عبر المرآه السحرية لكن وحدها تبقي..تخبرها انها وحدها من تهتم كفاية كي تبقي بجوارها .. وحدها تضيء مرآتها وتسمح للاخرين بزيارتها ...تمر بعينيها في الغرفة..كل شيء بمكانه..كل شيء كما اعتادت ان يكون منذ سنوات..حياتها لم تكن ابدا معقدة..وكل الفضل في ذلك يعود لها وحدها...

تنظر للنافذة بشوق..ثم اليها..هي تعلم انها ستغضب ان فتحتها ..هي لن تفتحها..هي فقط تعتقد انها ستكون مرآة افضل..
***
3-2
فوق الفراش عيناها معلقتان بالنافذة..لا تري سوي تلألأ العقد الماسي...
***
4-1
تعدها باشياء تحبها...تضيء مرآتها السحرية...تغلق الباب خلفها بهدوء..تلتفت هي..تنهض ببطء شديد..تركع علي ركبتيها وتبدأ بالزحف..تحت النافذة تماما تتوقف..ترتفع برأسها بضع سنتيمترات..لا تري شيئا..ترتفع بجذعها اكثر واكثر..في مواجهة السطح العاكس تماما لصورتها وقفت..لكنها لم ترها..بل رأت الاخري ..هناك بالاسفل تنظر لها مؤنبة وتشير لها ان تعود..
***
4-2
علي الرصيف المواجه لبيتها وقفت لاول مرة منذ شهور...نظرت لاعلي قطبت جبينها واشارت اشارة غاضبة..ومضت..
***
5-1
علي الاريكة كانت عندما عادت..ظهرها للنافذه ووجها للصورة علي الحائط..هي لاتتذكر سواها..وحدها من بقي..وحدها من تحمل مشقة البقاء معها...وحدها تحميها من اشباح النافذه.. وحدها تجعلهم يرحلون..انتظرت ان تؤنبها..انتظرت طويلا..
- اسفة..
قالتها بندم حقيقي..ببرأة طفلة خائفة من اسوأ عقاب تتوقعه..الخصام..لا تجيب..فتكمل بلهفة
- اعدكِ اني لن اكررها ثانية..هو الفضول لا اكثر...
بنبرة لا تحمل تعبيرا محددا:
- انت تتغيرين..تملين..وتريدين تجربة الأخر..
كمن يحاول ان يقنع طفلة:
- انا لا اريد شيئا..انا بأمان هنا..معكِ..
- ليس بعد الان..سأرحل..لستِ بحاجة لي الان..فلم تعودي تخافين اشباح النافذة...
- ارجوك لا لا تتركيني..
تتركها بصمت و تستدير نحو الباب..وللمرة الاولي لا تنير مرآتها قبل الخروج..تتقوقع فوق اريكتها.. وسط الدموع تلمحه.. تمتد اليد مرتعشه..تحمله بلهفة..تتوقف عن البكاء وتضغط ازراره برقة واحدا تلو الاخر حتى يفاجأها الضوء...تبتسم و تلتفت بتلقائية فلا تجد احد خلفها..بابتسامة اوسع تعود لتتابع اشخاص المرآه...
***
5-2
ظهرها للباب المغلق وقفت تبكي ..تنظر لصورتها علي الحائط..تحاول ان تتذكراخر مرة تحدثت مع احد سواها..تخبرها انها اسفة..انها لن تستطيع حمايتها بعد الان..هي تريد الرحيل..ليس لاشتياق الاخري للعالم كما زعمت..بل لانها هي نفسها تريد المزيد..
***
6
شظايا زجاجية صغيرة تملأ المكان..صورة ورقية مهترئة نصف مثبته بأطار خشبي..وخيط ممزق..تلتقط صورة الشابة ذات العقد المتلألأ..تحملها وتذهب نحو النافذة..في انعكاسها تري ملامحها الناضجة للمرة الاولي...وللمرة الاولي تخلع العقد الماسي..تلقيه علي الاريكة فلا يلتقطه احد..تطفيء التلفاز وتخرج..
26/9/2008